يسعى الصهاينة بكل السبل الى الاحلال مكان الشعب الأصلي في فلسطين. ليس عبر التطهير العرقي والتطهير والمحو الثقافيين وأنواع الضغوطات الاخرى فحسب. بل ايضا من خلال الاحلال الثقافي. وهذا الاحلال الثقافي له جذوره من ايام حركة الكنعانيين الصهيونية.
ومجرد اعطاء انفسهم هذا الاسم كان بغرض سرقة الماضي من اجل سرقة المستقبل. وهو امر لا نجد مثله في أي مكان في العالم. والسبب لا يحتاج لشرح كثير لان كل ما حصل ويحصل في فلسطين هو سرقة في وضح النهار، وبالتالي بات شغل الصهاينة الشاغل هو، كيف يمكن شرعنة هذه السرقة.
الصهيونية الحالية تختلف عن الصهيونية الاولى من هذه الناحية. الاولى كانت تريد ان تنشيء دولة غربية في كل شيء. سعت لتدمير الشعب الأصلي في فلسطين من ناحية، كما سعت لضرب ثقافة اليهود الشرقيين لصناعة يهودي جديد في ظل نظره تفوق عرقي باتجاه الشعب الأصلي في فلسطين، وباتجاه الشرق والثقافة الشرقية.
الصهاينة الان يستخدمون تكتيكا جديدا لادماج انفسهم في منطقة يعرفون انها ترفضهم. وهذا التكتيك قائم على سرقة الثقافة الفلسطينية والزعم انها لهم، بمعنى اخر يريدون القول انهم ليسوا غزاة من وراء البحار كما هو الامر، بل شرقيين من اهل المنطقة.. وادعاءهم ان الكنافة هي حلوى يهودية هي اخر ما تفتق عنه العقل اليهودي الصهيوني الذي يعيش ازمة وجودية وازمة هوية، رغم تفوقه العسكري. ان مجرد ادعائهم هذا يدل على الازمة التي يعيشونها. انها ازمة شرعية وجودهم في فلسطين. (الشرعية) الوحيدة التي يملكونها حتى الان هي شرعية القوة. والقوة عامل متغير وليس امرا ثابتا.
يمكن للمرء ان ينتقد الكثير من الاداء السياسي الفلسطيني. لكن لا يمكن للمرء الا ان يحيي الصمود الاسطوري للشعب الفلسطيني. الذي لم يتمسك بحقوقه الطبيعية والتاريخية فحسب، بل بثقافته رغم قرن كامل من الضغوطات والمعاناة.
< السابق | التالي > |
---|